ليست بالأمر السهل أو الارتجالي أو العشوائي، إنها أصعب خطوة من خطوات مشروع قد يستمر لسنوات طويلة وقد يفشل من اللحظة الأولى لانطلاقه. القلق والهواجس والسهر، هي انفعالات نفسية وعصبية تواكب البدايات، ولا أعتقد أن هذه العوامل النفسية المتضاربة حالة مرضية، بل على العكس، الشعور بالقلق هو أولى درجات الإحساس بالمسؤولية، فالبداية الصحيحة تؤسس لمسيرة قادمة مبنية على أساس متين.
مشروع نادي الشباب، حلمٌ كان يراودني منذ فترة طويلة لكن ضخ الأفكار باتجاه المشروع ارتفع نسبياً مع بداية إعلان الحرب على سورية.
نعم، الحرب على سورية خصوصاً والوطن العربي عموماً، والتي لم تبدأ مع الاعتداء على عناصر من الجيش العربي السوري والأمن وحفظ النظام الذين تلقوا أوامر صارمة من القيادة العسكرية العليا بعدم التعرض للمظاهرات السلمية في ظاهرها والمسلحة في باطنها.
الحرب التي شُنت لضرب قلعة الإسلام والمسيحية والعروبة وتفتيت حصنها المنيع، المواجهات بدأت مع الإعلام الموجه ضد الإسلام المعتدل لصالح التطرف الإسلامي.. بالمقابل، وبمراجعة بسيطة نجد أن الإعلام الغربي والمستعرب اشتغلا على فكرة انتزاع المسيحية من الشرق الأوسط لغاية في نفس اليهود المتصهينين، كما أن لغة الضاد الرابطة الجامعة، لم تكن لتروق لمنظري الصهيونية العالمية لأن استمرار المد العروبي يعني استمرار الأمل بوحدة العرب وهذا ما يؤرّق الصهيونية العالمية منذ نشأتها الأولى، فأوجدت سايكس بيكو لترسخ الحدود المصطنعة بين العرب كما أوجدت إسرائيل شوكة في حلق العرب.
نعود إلى الإعلام الذي أسس لثقافة استهلاكية، عبّدت الطريق أمام الثقافة السريعة التي تأتي وتذهب دون أن تترك أي أثر في التراكم المعرفي للإنسان”.كالفيس بوك” وأخواته في العالم المعولم الافتراضي.
هذه الثقافة أسّست لبناء جيل في معظمه يستعجل النجاح ويستسهل الصعود ويطلب المناصب بعملية حرق مراحل مؤذية له وللوطن. وهنا سأتوقف عند أهم مشكلة واجهتني في تعاملي مع شريحة من الشباب عندما اصطحبناهم لدورة إعلامية تدريبية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتلقينا فنون العمل الإعلامي على يد أهم المدربين وهم أساتذة في تقنيات الإعلام.
المشكلة أن الشريحة المنتقاة بشكل عشوائي، من الشباب، اعتبروا أنفسهم أهم من الأساتذة أنفسهم، وعندما أجرينا لهم عملية سبر بسيطة بخط يدهم عن كتابة الخبر، مازلت أحتفظ بكتاباتهم كوثيقة وعيّنة على شباب يعدّون أنفسهم فوق الجميع، معظمهم فشل في الصياغة وتكثيف المعلومة وفي بديهيات الكتابة الأبجدية. ناهيك عن شريحة أخرى بعد أن عمل النادي على تدريبهم بكلف عالية في بيروت، ظن البعض منهم نفسه ملك الإبداع، والبعض الآخر بحث عن الشهادة واستغلها في عمل إعلامي دون الرجوع إلى إدارة النادي، وآخرون أرادوا أن يحرقوا سلّم التدرج في العمل التحريري، فضلاً عمّن اعتاد منهم على مبدأ التنظير والكلام الكثير دون فاعلية عملية.
ولكي لا يظن من يقرأ الافتتاحية أنني متشائمة من جيل الشباب الذي أُكبر شأنه وأعتبره” أبو المعجزات ” أردف بالقول، إن القلة القليلة من الشباب كان انتماؤهم للنادي هو الأساس ومنهم من آثر العمل التطوعي على الوظيفة المأجورة إيماناً منهم برسالة النادي وأهدافه.
مع هؤلاء النخبة من الشباب، استطاع النادي أن يبدأ عمله وأن يرى النور رغم الإمكانيات التقنية والمادية المتواضعة، فقد عملنا كأسرة حقيقية، وُضعت أمام تحدي البداية، وها نحن نضع أمامكم نتاج عملنا التطوعي آملين أن يحظى دعماً مادياً أسوة بمؤسسات تُخصص لها الملايين من الليرات السورية، فالأحلام والطموحات والنيات الحسنة وحدها لا تكفي. لقد وضعنا الوطن في عيوننا وقلوبنا وتحمّلنا عناء التأسيس وتعرضنا للخطر، وعملنا لساعات طويلة، لكن الجهود التي بُذلت – ومازلنا نسعى بكل طاقاتنا وإصرارنا على النجاح وبذل المزيد من الجهد- لا تعادل دقيقة من وقفة جندي في الجيش العربي السوري على الحواجز، كما أنها لا تعادل ثانية من وقت مقاتل من أبناء الجيش العربي السوري الذين يحاربون أشرس أنواع الإرهاب في العالم. ولا يمكن أن يضاهي نقطة دم سالت على أرض الوطن الغالي، فتحية لشهداء الجيش العربي السوري، وشهداء الوطن من المدنيين الأبرياء الذين استشهدوا بفعل الإرهاب المجرم، الذي لم يستثن طفلاً أو امرأة أو شيخاً أو شاباً، وتحية إلى شهداء قوات الأمن وحفظ النظام واللجان الشعبية، وكل الإجلال والإكبار إلى شهداء الإعلام السوري. وللشعب العربي السوري الذي صمد في وجه الإعصار الإرهابي؛ الحصة الأكبر من التقدير والإجلال فقد بهر العالم بتصدّيه للإرهاب وتصديه للحرب على لقمة عيشه وواجه العقوبات بعزيمة أكبر على التغلب على الضائقة المادية وعلى الجراح ومازال ينبض بالحياة.
ونحن من موقعنا نعاهد الشعب السوري بأننا ومن خلال منبرنا الإعلامي/ الموقع الإلكتروني سنرصد جميع الثغرات ونكثف الإضاءة على مواقع الفساد، ولن نقارب الحقيقة في نقلنا للأحدث بل سنقولها، متسلحين بحقنا في العيش بأمان في وطننا الغالي سورية، وحقنا في الدفاع عن وطننا ضد كل من يسعى لتفتيه وتدميره، عدتنا وعتادنا الكلمة والصورة.
كما نعاهد قائدنا البطل أن نكمل المسيرة، مهما كانت الصعوبات والعقبات وأن نفتدي الوطن بأرواحنا.
ختاماً أشكر جميع من ساهم في إظهار هذا المشروع إلى النور، وأذكّر أننا بحاجة إلى مساهمة الجميع وانتقادات الجميع لأننا على ثقة كاملة بأن النقد البناء هو أول خطوة باتجاه النجاح، كما نحتاج إلى كلمة تشجيعية كي نستمر بالعطاء. المشروع في بدايته وكلنا أمل أن نضيف لا أن نقف عند من قطعوا مشواراً طويلاً في مجال الإعلام.
ميساء نعامة
تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 02/08/2013