سورية تصبر على الضيم لكنها لا تبتلعه

لا يمكن أن تكتمل مقومات الدولة منذ نشأتها إلى الآن، إلا بمؤسسات متكاملة ومتشعبة يطال اهتمامها جميع مجالات الحياة المدنية، كما يتطلب قيام الدولة وإثبات وجودها قائداً صلباً يحدد استراتيجية صون البلاد ونهضتها وجيشاً قوياً بعِدّته وعتاده يحمي الدولة ويحمي مؤسساتها.
تلكم باختصار أهم مقومات الدولة التي تتمتع بسيادة إدارتها لنفسها ولمؤسساتها وللشعب الذي شيدها.
والجيش هو أهم هذه المقومات على الإطلاق لأن قوة الدولة بقوة جيشها، ودولة بدون جيش أفراده من نسيج الشعب لا يمكن أن تسمى دولة بل هي مستعمرة لصالح دولة أقوى لديها قوة عسكرية تكفي للسيطرة على الدول التي لا تمتلك جيوشاً، وهي بالمحصلة ليست دولة مكتملة المعالم بل يمكننا القول بأنها فاقدة للسيادة.
تأسيساً على ما تقدم تبرز أهمية الجيش في حماية سيادة الدول، وعندما تريد دولة استعمارية الانقضاض على دولة ما أول ما تفعله هو حل الجيش وتفكيكه وإنهاك قواه وتجريده من سلاح المواجهة والدفاع.
والمثال القريب في عصرنا الحالي عندما احتلت الولايات المتحدة الأمريكية العراق الشقيق، أول إجراء قامت به هو حلّ الجيش العراقي وإضعاف المؤسسة العسكرية، وتغذية التناحرات الطائفية، وسرقة الذاكرة العراقية التي تتمثل في سرقة المتاحف وهدم الآثار.
إذاً، الاستعمار يدرك أن قوة الدول بجيوشها، وعليه سعت لإنهاء حكم العسكر في مصر كخطوة لحل المؤسسة العسكرية وإضعافها، لكنها فشلت والدليل طوفان النيل البشري الذي لم يغادر الساحات المصرية إلا بإنهاء حكم الإخوان الذي أنهك مصر خلال عام من حكمه.
والجيش المصري العريق الذي خاض حرب تشرين التحريرية مع الجيش العربي السوري العريق، وهو بالضبط ما يرعب الصهيونية العالمية والولايات المتحدة الأمريكية، أبى إلا أن يكون مع الشعب المصري العظيم.
كما سعت الصهيونية العالمية إلى تفتيت الجيش العربي السوري من خلال إنهاكه في حرب عصابات استحضرتهم من جميع أنحاء العالم.
لكن نسي هؤلاء أن أفراد الجيش العربي السوري هم أحفاد البطل يوسف العظمة ويحملون عقيدة مدرسة القائد الخالد حافظ الأسد، ويقودهم اليوم القائد المحنك بشار الأسد، فهيهات أن تنال من عزيمة الجيش العربي السوري جميع القوى الاستعمارية مجتمعة.
وبعد! على ما يبدو أن الغبار التي خلّفه الربيع العبري- بكل ما حمله من أمراض تفتيت وتقسيم وطائفية وقتل وهمجية وأكل لحوم البشر وأكبادهم- بدأ ينجلي بعد أن سقط المشروع الإخواني في مصر العروبة، وسقط العدوان الاستعماري العالمي عند أعتاب صمود الشعب والجيش العربي السوري.
لا يمكن أن نقول بأن فصل الربيع يأتي دون منغصات تنبئ بتقلبات مؤذية يولد من رحمها الزهر ومن ثم يأتي الصيف محملاً بالثمار.
الحقيقة الوحيدة الآن بعيداً عن جميع التحليلات السياسية.. وبعيداً عن الفذلكات والفبركات والخزعبلات، هي أن الجيش العربي السوري يسطّر بطولات عالمية فالحرب التي تشنّ على سورية عالمية بامتياز.
وعندما نتحدث عن انتصارات الجيش العربي السوري، لا يمكن أن نضع هذه الانتصارات في نطاقها المحلي الضيق، ولا على النطاق الإقليمي، بل إنه الجيش العقائدي الذي يحمل مقاييس الجيوش العالمية من حيث القوة والتكتيك والعمليات النوعية التي تقضي على الإرهاب أينما وجد ولو كان مختبئاً في حضن المدنيين الأبرياء..
الجيش العربي السوري حسم الكلام، ووضع نهاية لتكهنات جميع المحللين وفاجأ الجميع برايات النصر المبين.
ومن يرِد أن يجلس على طاولة الحوار سواء كانت الطاولة عالمية أم محلية عليه أن ينحني أولاً لبطولات الجيش العربي السوري الذي حمى سورية القوية بعزيمة أهلها الشرفاء وقائدها الصلب.
وبعد الحسم في الميدان يسهل الحديث على أية طاولة للحوار، ولسوف يدرك الجميع أن سورية تصبر على الضيم لكنها لا تبتلعه بل ترد الصاع ألف صاع على من تجرأ على قلب العروبة.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 06/07/2013

Scroll to Top