مصر وسورية.. العروة الوثقى

إذا كانت سورية مفتاح الدنيا، وسرّ وجودها، فإن مصر هي أم الدنيا، وللبلدين سحرهما الخاص، الذي ينعكس حضارة وفكراً على منطقة الشرق الأوسط.
قد يتساءل المرء لماذا يتم الربط بين سورية ومصر؟ ولماذا يعتبر ما تحقق من نصر على أرض الكنانة هو نصر للشام؟
للإجابة على السؤال الأول لابد من العودة إلى كتب التاريخ وقراءة الأخوّة الحقيقية بين الشعبين السوري والمصري الذي أنتج الجمهورية العربية المتحدة، ودائماً العروبة هي الرابط وهي الضامن لبقاء الأمة العربية.
وفي تقليبٍ سريعٍ لصفحات التاريخ لابد من التوقف عند حرب تشرين التحريرية التي خاضها الجيشان العربيان المصري والسوري.
ومن الطبيعي اليوم أن يربط العالم بأسره بين انتصار الثورة المصرية على الإخوان وإسقاط ما يسمى الإسلام السياسي، لأن ما يحصل في سورية على مدى ما يقارب ثلاثة الأعوام من قتلٍ وترويعٍ وأكلِ لحوم البشر هو نتاج “الإسلام السياسي”، الذي يفرض واقعاً من التخلف والتبعية والجهل والعودة بروزنامة التاريخ إلى عهد العثمانيين والظلاميات.
انتصار الثورة المصرية هو امتداد للنصر الذي يفرض وجوده على الأرض السورية مزيلاً جبهة النصرة التي هي بالمحصلة نتاج الإخوان المسلمين وتبعاتهما من تفرعات القاعدة من الأراضي السورية بعد أن خلفوا الخراب والدمار والقتل والتقطيع والتنكيل وأكل الأكباد البشرية.
وبعد! لا يمكن للانفصال الذي وقع بين سورية ومصر والذي أسس له الاستعمار أن يفصل ويفرّق بين البلدين الشقيقين، وأي نصر لسورية هو نصر لمصر وأي نصر لمصر هو انتصار لسورية.
وهذا يؤكد أن المعركة الأشرس التي تدور رحاها في عالمنا العربي بين استمرار العروبة بوصفها الحاضن الحقيقي لبقاء واستمرار الوجود العربي، وبين الصهيونية العالمية التي ترتدي هذه الأيام ثوب الإرهاب المقيت وتقاتل العروبة باسم الإسلام.
ولأن العدو الحقيقي يعمل بكل طاقاته وأدواته ويسخّر أسلحته لإلغاء العروبة والعرب من سجلات التاريخ البشري، فإن الجيشين العربيين السوري والمصري هما الأقدر على الإمساك بزمام الأمور وإدارة الحرب وفق الاتجاه الذي يضمن النصر على جميع القوى التي تريد تفتيت العروبة وتشويه سمعة أعظم الجيوش العربية، وإحباط عمليات محاولة تفكيك هذين الجيشين ومن ثم القضاء على الدولة وإشاعة الفوضى بما يسهّل عملية استلاب المجتمعات العربية ووضعها من جديد تحت الوصاية الأجنبية.
تأسيساً على ما تقدم لا يمكن للمرء أن يختبئ خلف إصبعه وهو يتابع المشهد المصري وعملية تكرار المشهد السوري عندما بدأت عملية التحريض على الجيش العربي السوري، وبدأ مسلسل الفبركات والمشاهد التمثيلية الهزيلة على فضائيات ناطقة باللغة العربية لكنها برمجتها صهيونية…
إلا أن الشعب العربي السوري تصدى للمخطط الصهيوني وواجه الحرب ووقف إلى جانب الجيش بكل بسالة.
ومن يتابع المشهد المصري بدقائق تفاصيله يدرك أن ما خُطط لسورية يُخطط لمصر وأن وعي شعب مصر العظيم ومساندته لجيشه سيسقط جميع الرهانات.
ويبقى صمود الشعبين السوري والمصري هو العروة الوثقى التي ستقف في وجه المخطط الاستعماري الجديد، وكما كُتب النصر للجيشين السوري والمصري في سبعينيات القرن الماضي، سيكتب التاريخ عن عظمتهما وبطولاتهما لعدة قرون قادمة.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 13/07/2013

Scroll to Top