لم نستمتع بالمسرحية الهزيلة والهزلية، لأن أبطالها كومبارس مهلهلون عفنون أتخمهم الجلوس على براميل النفط، وأعياهم ترف ثرواتهم التي قضّت مضاجعهم، فقرّروا تخفيفها عبر شراء الضمائر في العالم، وشراء أجراء إرهابيين من جميع أنحاء العالم لكي يقضوا على الدولة السورية ويفتّتوا مكوناتها الحضارية والتاريخية والروحية.
حضر بريستيج وبذخ الأسر الحاكمة النفطية، في قمة الغاز، وغاب عنها القادة، وبين خطيب الجامع ومنفق الأموال، ونفاق بقية الحضور، واستجداء الحسنات والهبات من البعض الآخر، كان البعض سارحاً في حوريات حقيقية تنتظره في بلاط القصور الفارهة.. بينما فضحت الكاميرات بلاهة مشوبة بالعته والغباء لدى أصحاب الجلاليب، ليعلن ختامها البياني نفاق من حضر ممن وصفوا أنفسهم بالنعاج.
كرنفال لكنه غير مبهج وغير سار.. كرنفال خلع منفذوه عباءة العروبة إلى مدى غير منظور، واستبدلوها بعباءة تفوح منها رائحة الغاز المشوبة برائحة الدم العربي.
المنفذون لمشروع التفتيت وإراقة الدم العربي ليسوا أصحاب القرار، بل إن القرار جاهز من السيد الأمريكي، وعليه من المعيب أن نعير أيَّ اهتمام للكومبارس وننسى اللاعبين الأسياد في مصير الأمة العربية.
المشكلة ليست بأصحاب اللّحى ولا بالأغبياء البلهاء ولا ببراميل النفط والغاز وأصحاب العقول المقفلة أو المفتوحة على “مزارب” مال ينفقونه على حوريات الحياة ليتركوا حوريات الآخرة إلى من يدفعون بهم ويدفعون لهم ليقاتلوا ويقتلوا على الأرض السورية.
الخطر الأكبر الآتي ممّن يملكون العقل المخطط لتفتيت العروبة وإلغاء التراث الحضاري العربي والإسلامي، كيف ذلك؟ عن طريق الاقتتال العربي العربي ونشر الفكر الوهابي الطائفي كبديل عن الفكر العلماني، العقلاني المنفتح على الحياة والتواصل الحضاري.
والهدف نشر الخراب والظلمة والقتل وانتشار الجريمة والخطف والسرقة وغياب دولة القانون وإبدال النظام بالفوضى.
أما الغاية فهي عودة الاستعمار الجديد والمباشر، بعد استخدام أصحاب الذقون واللحى ومن ثم رميهم في مقبرة التاريخ، على أساس أنهم قادمون لإنقاذ العرب من السلفيين والظلاميين، باتجاه التطور وإعادة البناء.
أما الحقيقة فهي السيطرة على خيرات الوطن العربي والتخلص من العرب والعروبة إلى الأبد لكي تسود وتتسيّد إسرائيل، وتصبح الوكيل الحصري للمصالح الأمريكية في المنطقة.
هي الحقيقة واضحة وجليّة.. فهل نستيقظ ونحرق المراحل المهيّأة لنا وننقذ سورية من التيار الذي سيجرف المنطقة إلى الهلاك؟
ميساء نعامة
تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 30/03/2013