القادرة على تحدي العدوان.. وحدها القادرة على قلب الطاولة والعبث بالخرائط والأوراق التي وضعتها العقلية الاستعمارية الجديدة..
في سورية فقط ينتصب السيف الدمشقي الأصيل بساحتها الأموية مقابل جبل قاسيون الراسخ بقوة في وجه المعتدي والذي يظلل بحنان أرض الشام ويشمخ العلم السوري بين المشهدين.
وحدها سورية من تحمل الوردة الدمشقية بيد، وتختصر قوة العالم الضاربة بيد..
وحدها سورية التي احتضنت المدنية الإنسانية وأعطتها شهادة الميلاد.. وحدها سورية شغلت العالم وأصابت العقلية الاستعمارية الجديدة بارتجاج دماغي جعلت من قادتها يظهرون بوجوه كالحة السوداء يتقطر السمّ من أفواههم لكنهم لا يستطيعون إخفاء عجزهم وارتباكهم وتصحيح إرهاقهم الشاحب بكل ما ابتكروه من صناعة تجميلية.
وحدها سورية وقفت في وجه الإعصار.. وحدها سورية سحقت تحت أقدام جيشها المغوار المحال..
لا يمكن للعقلية الأمريكية أن تخفي غيظها وهي تتابع ما تنقله لها وسائل إعلامها وتقاريرها الاستخباراتية عن مشهدين متناقضين:
الأول يرصد هستيريا الهلع التي تعمّ الشارع الإسرائيلي خوفاً من ردة فعل محور المقاومة إذا ما تعرض قلبها إلى عدوان جنوني بقيادة أمريكية مذيّلة بحماقة فرنسية..
المشهد الثاني: الشارع السوري الذي استهزأ بالتهديدات الأمريكية، وهو من خبِر عدوانها على مدى عامين ونيّف، فالحركة طبيعية، الذهاب إلى الأسواق والوظائف وممارسة الهوايات والجلوس في المقاهي.. كل هذا بكفة وانتصارات الجيش العربي السوري على العدوان البري والبربري بكفة أخرى.
وبين المشهدين فارق كبير، فالأول اغتصب الحقوق ويخاف من أصحاب الحق في الأرض والجغرافيا والتاريخ والحضارة.
والعرب أصحاب حق وتاريخ وحضارة وإذا كان بعض أجزاء الجسد العربي أصابه بعض الترهّل واشتد عليه وباء الزهايمر، فإن القلب مازال شاباً يعمل بكامل طاقاته من أجل ضخ الدماء إلى الجسد العربي لكي ينتفض على الوهن والمرض.
وحدها الشام قلب العروبة الذي يحتفظ بالقوة والصلابة والعافية، وطالما القلب سليم لا خوف على باقي الجسد.
وحدها الولايات المتحدة الأمريكية..
تحفر قبرها بيدها ولا تدرك.. فعندما تدخل حرباً تشعل من خلالها حريقاً ضخماً قد يشعل منطقة الشرق الأوسط برمتها، ولا تضمن أمريكا أن تكون بمنأى عن الحريق إذا ما اندلع..
وحدها أمريكا من ستشعر بهول الحماقة التي سترتكبها، بعد فوات الأوان، إذا ما أشعلت فتيل الحرب على سورية وهي تدرك ضمناً أن سورية ليست وحدها في مواجهة الحرب..
وحدها أمريكا ستكتب مشهد النهاية بفيلم هوليودي عنوانه سقوط أسطورة إمبراطورية بدأت بالكذب والدجل وبنت إمبراطوريتها على أجساد الهنود الحمر.. وانتهت بحريق أشعلته وستفقد القدرة على إطفائه.
هو ليس عاطفة ما نتحدث به، إنما هو ترجمة فعلية لنظرية قيام الدول ودورتها الحياتية ونهاياتها الحتمية لاسيما إذا قامت على أساس ضعيف؛ بمعنى أن قيام الدول لابد أن يرافقه منظومة أخلاقية وقيمية ومشروعية قانونية لإنشاء الدولة ولطريقة الحكم فيها.
وأمريكا ليست دولة عريقة ولم تقم على تراتبية زمنية ومكانية، ولم يرافق قيامها امتداد حضاري وتاريخي اللهم سوى تاريخ رعاة البقر والكاوبوي الذي يعكس الجذور الحقيقية لإمبراطورية وهمية.
نعود إلى الموضوع الأساس: قد ترتكب الولايات المتحدة تلك العجوز المتهالكة المتصابية حماقة بدء الحرب على المنطقة العربية، لكنها لن تستطيع إطفاء نيرانها، ورغم جميع ماركات التجميل العالمية لن تستطيع إخفاء ضعفها وتهالكها وقرب ترجّلها المهين وغير المشرِّف عن قيادة العالم لسنوات طويلة.
سورية هي من سيحدد المعالم الجديدة للنظام العالمي قبل الحرب عليها وبعد الحرب، قبل العدوان الأمريكي وبعد العدوان.. ومن سورية أم التاريخ وأم الحضارات وأم المدن سُيكتب للعالم شهادة ميلاد جديدة.
ميساء نعامة
تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 07/09/2013