إيران.. وجهاد العلم

قبل ما يزيد على العامين وبضعة أشهر، قمت بزيارة عمل إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقد بهرتني حضارة أمة قابلة دائماً للحياة والتجدد. لفتني في ذلك الحين ضخامة المنشآت ولاسيما الإعلامية والتطور الهائل للإعلام من حيث العدد والتقنيات الحديثة والاستوديوهات الضخمة والإمكانات البشرية المتميزة.
والسؤال الذي شغل بالي طوال العامين السابقين كيف لا يستطيع إعلام ضخم كالذي شاهدناه في طهران أن يفند للمجتمع الإيراني هول المؤامرة على سورية؟. تزامنت الزيارة الأولى لطهران مع بدايات العدوان على سورية كنت أشعر من خلال لقاءات عفوية في شوارع طهران مع الشعب الإيراني جهله بما يحصل في سورية وتأثره بالإعلام الغربي بشكل مثير للاستغراب فعلاً.
مع زيارتي الثانية لإيران “بعد مرور نحو عامين على الزيارة الأولى” حصلت على الإجابة، فقد اشتغل الإعلام الإيراني على توضيح المؤامرة التي يتعرض لها الشعب السوري، وكم شعرت باعتزاز وافتخار عندما كنت أسمع من الشعب الإيراني أينما ذهبت عبارات تشحذ الهمم وترفع المعنويات مثل الرئيس الأسد قائد شجاع، الشعب السوري والإيراني في خندق واحد من المقاومة، سورية تدافع عنا جميعاً….
كما لفتني مواكبة الإعلام الإيراني لأحدث التقنيات الإعلامية والتطور الملحوظ في استخدام هذه التقنيات، وإيلاء الإعلام الاهتمام الأكبر من قبل الدولة الإيرانية على اعتبار أنّ الإعلام هو خط الدفاع الأقوى في مواجهة الإعلام الفتاك الذي تستخدمه الدول الاستعمارية في تدمير المجتمعات العربية والإسلامية.
برنامج الزيارة تضمن جولة اطلاعية على وكالة فارس الإخبارية التقيت خلالها نخبة من الإعلاميين في مقدمتهم الإعلامي علاء هاشمي، الذين لامسوا العدوان على سورية من أرض الواقع وترجموا كشفهم لضخامة المخطط الصهيوني الذي أعد لتدمير الدولة السورية في الضخ الإعلامي عبر وكالة فارس وفضحهم لجميع الجرائم الإرهابية التي تتعرض لها سورية الدولة والشعب.
وتضمن برنامج الزيارة جولة في الوكالة الإخبارية الأحدث “تسنيم” وقد لمسنا الشغف الكبير لدى العاملين فيها من أجل تحقيق منافسة قوية على مستوى الداخل الإيراني والخارج.
من قناة العالم الإخبارية اطلعنا عن قرب على آلية عمل القناة وقد أبدى مديرها استعداده الكامل للتعاون مع نادي المراسلين الشباب.
اللافت لأجواء العمل الإعلامي التواجد الفاعل للمرأة الإيرانية، الأمر الذي يعكس حالة إيجابية في المجتمع الإيراني لأنّ المرأة موجودة بشكل فاعل في جميع مجالات الحياة الإيرانية، على عكس ما يروّج له الإعلام الغربي.
من جولاتنا الإعلامية إلى جولتنا على مدينة طهران والجديد اللافت حديقة متحف الدفاع المقدس وإشاعة ثقافة المقاومة، وهي عبارة عن حديقة خارجية كبيرة يمارس فيها الشباب الرياضات المختلفة ويقومون بنزهة آخر الأسبوع، وسط الحديقة بناء مبهر لبانوراما تلخص أحداث انتصارات الثورة الإسلامية الإيرانية وويلات الحرب التي شنها صدام حسين على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعم وتأييد الولايات المتحدة الأميركية.
خلال الزيارة الأولى لطهران أي قبل عامين كنا قد مررنا من قرب مشروع جسر ضخم متعدد الطوابق وتوقعت حينها أن يحتمل تنفيذه عدة سنوات إلا أنّ المفاجأة كانت أنّ المشروع تم تنفيذه ومررنا على أطول جسر متعدد الطبقات والمصنف من ضمن أکبر الجسور متعددة الطبقات في الشرق الأوسط عرف باسم جسر “الشهيد محمد باقر الصدر” ويأتي في المرتبة الحادية عشرة عالمياً، وتم الاعتماد في بنائه على مهندسين وعمال إيرانيين وخبرة وکفاءات إيرانية ويقع الجسر شمال طهران، حيث يربط الجسر شرق العاصمة طهران بغربها وبإمكانه تخفيف الكثير من العقد المرورية في العاصمة.
الزيارة توجّت باجتماع مع سماحة الشيخ علي كريميان الأمين العام لاتحاد إذاعات وتلفزيونات الدول الإسلامية، أكد خلاله على أهمية دور الإعلام في مواجهة الحرب الإرهابية ضد محور المقاومة، وكان واثقاً من انتصار محور المقاومة “لأنّ من يدافع عن الحق يكون الله معه”. وأكد سماحته على أهمية نادي المراسلين الشباب كتجربة رائدة في سورية وضرورة دعمها وتطويرها.
قبل الختام لابد من التوقف مع الكلمة التي أطربت مسامعي جهاد العلم، فالأستاذ الفاضل نادر خوبان قالها لنا في جملة حديثه عن قدرة الشعب الإيراني على التفوق وتحقيق المعجزات في إحداث التطور الهائل الذي تشهده الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد انتصار الثورة وما كان الحصار المضني من قبل الغرب إلا حافزاً على العمل الذي تبلور إنجازات ضخمة تأسيساً لوصية الإمام الخميني بالجهاد بالعلم.
وشتان بين عمليات القتل والذبح وتدمير البنى التحتية في سورية تحت غطاء الإسلام والجهاد، وبين البناء والإعمار والإنجازات العلمية المذهلة تطبيقاً لجهاد العلم.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 20/12/2014

Scroll to Top