المستغرب فعلاً أن يستغرب البعض دخول العدو الصهيوني المعلن في مشهد العدوان على سورية. عندما قالت سورية منذ اللحظات الأولى للربيع الدموي الصهيوأميركي بأنّ ما يتعرض له الوطن العربي وخاصة سورية هو مؤامرة تخفي مخططاً صهيونياً لتدمير العروبة والإسلام بصفتهما أنهما الحاملان الأساسيان للوجود العربي والإسلامي، كانت الماكينة الإعلامية الغربية والعربية المتصهينة جاهزة للرد وسيمفونية الردح كانت معدة سلفاً، لأنّ العقل الصهيوني يدرك تماماً أنّ معركته المكشوفة في سورية خاسرة سلفاً وأنّ القيادة السورية أذكى من أن تمر عليها كذبة ما سماه العقل الصهيوني “الربيع العربي”… وما هيأ له الإعلام ليلعب دور الطابور الخامس في إدارة الحرب بالوكالة وتوجيه الإرهابيين وتأمين الدعم السياسي والعسكري لهم عبر مسرحيات المؤتمرات من أصدقاء سورية وصولاً إلى داعش.
من اللحظات الأولى تم استهداف الجيش العربي السوري وقوات حفظ الأمن في سورية وفق سيناريو معد بترتيب جهنمي، ففي الوقت الذي كان يقال في الإعلام بأنّ ما يحصل في سورية هو “ثورة” من أجل الديمقراطية كان “الثوار” يستفزون قوات حفظ الأمن في البلاد ويستهدفون ثكنات الجيش ويفجرون حافلات تقل ضباطاً من الجيش العربي السوري، وعملت الدول العربية التي تدخل اليوم في تحالف معلن مع العدو الصهيوني على دفع الأموال لشبان لا تتجاوز أعمارهم 16 و15 عاماً من أجل زجهم في أعمال الشغب وتدمير البنى التحتية للجمهورية العربية السورية. بالتزامن مع هذا المشهد كانت القنوات الدينية المشغول عليها صهيونياً تعمل على بث روح الطائفية والفرقة بين أبناء الشعب السوري “ألا تذكرون شعوذة الطناجر؟” إلى هنا كانت الأمور تحت مسمى السلمية، وعندما فشلت هذه المرحلة واصطدمت بحكمة الدولة السورية في استيعاب المطالب الجماهيرية المحقة لكي لا تختلط مع المشروع الصهيوني، بدأت المرحلة الثانية من المشروع الصهيوني في تشكيل مجموعات إرهابية بمسميات دينية من أجل استقطاب أكبر عدد من الشعب السوري إلا أنّها فشلت في ذلك أيضاً ولم تستقطب سوى قلة من الخارجين عن القانون والفاشلين والمجرمين وتجار المخدرات والمتعاطين لها. المجموعات الإرهابية لم تخفِ ارتباطها الوثيق مع العدو الصهيوني بل جاهرت به وحملت أسلحة مصنعة إسرائيلياً، وظهرت أمام الإعلام جهاراً في المشافي الإسرائيلية. وبعد! هل نستغرب التنسيق الدقيق والواضح بين المجموعات الإرهابية وبعض الدول العربية والكيان الصهيوني؟ بل هل نستغرب الظهور العلني لإسرائيل وضربها لمواقع سورية في قلب العاصمة دمشق من أجل تخفيف الضغط على عملائها الذين يتهاوون بين قتيل وفار أمام ضربات الجيش العربي السوري؟
اليوم وبعد أربع سنوات من الصمود السوري في وجه الإرهاب الأعمى وجيوش برابرة أقرب إلى الوحوش منهم إلى الآدميين، يصل المجتمع الدولي إلى ضرورة محاربة الإرهاب الداعشي.
منذ بداية ما سمي “الربيع العربي” المصنع صهيونياً وأميركياً ليستطيع الغرب إيجاد ممر للخروج من الأزمة العالمية التي اجتاحت الولايات المتحدة الأميركية ولم تتوقف عند بقية دول الغرب التي كادت تعلن فشلها وانهيارها الاقتصادي، قالت سورية كلمتها بأنّها تواجه مخططاً تدميرياً تداعيات دماره لن تتوقف عند سورية فقط بل ستدمر الوطن العربي وتطال العالم الإسلامي.
الهدف البعيد المدى للمخطط الصهيوأميركي القضاء على الحضارتين العربية والإسلامية وتفتيت الوطن العربي إلى دويلات طائفية أكبرها الدولة اليهودية.
أما الهدف القريب فهو تصريف ما تكدسه أميركا ودول الغرب من أسلحة ثقيلة وخفيفة في مستودعاتها إلى السوق العربية وتخفف الضائقة المادية بتجارة هي الأربح.
والجديد في الأهداف الصهيوأميركية إيجاد جيوش بديلة عن الجيوش النظامية عبارة عن عصابات ومافيات وخارجين عن القانون وتدريبهم وتسليحهم وزجهم في بلدان أصابتها لوثة “الربيع العربي” ليستغل هؤلاء وجود التطرف الديني في المنطقة ووجدوا سهولة في استقطابهم، وأضافوا إلى جيوشهم الهمجية جيوشاً إضافية من البرابرة.
القيادة السورية أدركت هذه الحقيقة منذ اللحظة الأولى ودعت المجتمع الدولي للوقوف في وجه التسونامي الإرهابي الذي اجتاح منطقة الشرق الأوسط، لكن الدعوة السورية لم تلقَ في حينها آذاناً صاغية، بل لقد استخف العالم في الدعوة السورية واستمرأ الغرب اللعب بالنار إلى أن بدأت هذه الدول تكتوي بنار الإرهاب، وهاهي اليوم تبدأ بإقامة المؤتمرات الدولية للوقوف في وجه الإرهاب.
إلا أنّ المؤتمرات تعقد بعيداً عن الأرض السورية بينما سورية القيادة والشعب والجيش تقف على أرض الواقع وتواجه الإرهاب، وتحصد الانتصار تلو الانتصار بينما الأعداء يحصدون الفشل في مؤتمراتهم ومخططاتهم.
ميساء نعامة
تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 13/12/2014