الرؤساء القادة (7 – 15) القائد بشار الأسد

فرض حضوره على الساحة الشعبية العربية من خلال انتهاجه للفكر المقاوم لجميع أشكال الاستعمار القديم والحديث، ومقاومة التطبيع مع العدو الإسرائيلي، بل إن الفكر الذي حمله القائد بشار الأسد كمنهاج عمل هو رفض الوجود الصهيوني على أرض فلسطين العربية، ومحاربة جميع أشكال التدخل الأجنبي في القضايا المصيرية للعرب.
على الساحة السورية لم يتعرّف المواطن بشار الأسد على مشاكل السوريين من قصره العالي، بل تماهى في المجتمع السوري وعاش أدق تفاصيل الحياة السورية، الاجتماعية والفكرية والثقافية والسياحية والصحية والتعليمية، والخدمية، وتابع بنفسه في حياة والده الرئيس حافظ الأسد، أهم المشاريع الحيوية والخدمية التي تعكس الصورة الحضارية لسورية الحديثة.
القائد العسكري بشار الأسد المتمكن من أدواته المعرفية والعلمية، والعارف بالخطط العسكرية والتكتيك الذكي لإدارة المشاريع العسكرية وتطويرها، صفات أهّلته بمجملها للإشراف والمتابعة لأهم المشاريع العسكرية ما أكسبه ثقة جميع أفراد المؤسسة العسكرية التي وجدت فيه الحافظ الأمين على إرث عسكري أسّس له وعلّا بنيانه القائد الخالد حافظ الأسد.
ملامسة المواطن بشار الأسد اليومية لآلام الناس وهمومهم ومشكلاتهم، جعلته يدرك قضية بغاية الأهمية وهي أن المهمة الأساسية لأجهزة الأمن السوري هي حفظ أمن البلاد وعدم التدخل في تفاصيل الحياة السورية لاسيما المؤسسات ذات الطابع المدني، فعمل على كف يد القبضة الأمنية وانكفائها عن التدخل المباشر في العمل المؤسساتي وهو ما يمكن ترجمته عملياً بإبطال العمل بقانون الطوارئ.
قُرب القائد بشار الأسد من هموم السوريين ومقاربته لمشكلاتهم الكبيرة منها والصغيرة، والمباشرة الفورية بالعمليات الجراحية المجتمعية لاستئصال الأمراض الاجتماعية ومحاولة اجتثاثها من جذورها والبناء على الإيجابيات وتدعيمها، ومساندة المشاريع الجديدة الواعدة، لم تكن من الأولويات الوحيدة في حياة القائد بشار الأسد، فحماية الهوية الوطنية والعربية والقومية، كانت وما تزال تحتل المرتبة الأولى في سلّم أولوياته انطلاقاً من إدراكه لخطر الهواجس الاستعمارية في اختراق هذه الهوية وتمزيقها وتفتيتها ولاحقاً إلغائها، فالهوية ليست جواز سفر يحمله المواطن العربي بل هي حالة وجودية ومصيرية.
تنفّس السوريون الصعداء لأنهم كانوا على علم بأن صحة الرئيس حافظ الأسد آخذة في التراجع خصوصاً في بداية العام 2000 ، فالفراغ الذي كان يمكن أن تحدثه وفاة قائد كبير بحجم الرئيس حافظ الأسد أرعب معظم السوريين، ووجدوا في المواطن بشار الأسد القريب منهم ومن تفاصيل حياتهم ومن مشكلاتهم وهمّهم الوطني والقومي والعربي، القائد القادر على سد الفراغ الذي سيحدثه غياب الرئيس حافظ الأسد.
أعوام قليلة امتدت من العام 1994 إلى العام 2000 بدأت خلالها معالم القائد الصاعد على سلّم المجد السوري تتوضح لدى كل السوريين، وبدأت الجماهير تلتف حوله معلنة مبايعته قبل أية إجراءات قانونية حدثت لاحقاً، فرغم السواد الذي أرخى بظلاله على المدن السورية مع غياب القائد القوي حافظ الأسد، الذي حكم سورية لأكثر من ثلاثة عقود ووقف في وجه العالم كله لأجل سيادة سورية ومنعتها ونصرة القضايا العربية واستعادة جميع الحقوق العربية المغتصبة والدفاع عنها حتى آخر لحظة من حياته الغنية بالأحداث والأهوال التي مرت على سورية والوطن العربي أثناء فترة حكمة. سجل التاريخ وفاة حافظ الأسد القائد القوي المتين الذي تصدى للرياح العاتية وأمسك بقبضته الحديدية على قيادة سورية إلى برِّ الأمان والحداثة والتطور.. ورغم الحزن استفاق معظم السوريين في الشوارع والساحات السورية على المطالبة بتسليم دفة القيادة للمواطن السوري بشار حافظ الأسد الذي قبل المطالبة الجماهيرية بترؤسه البلاد بكل شجاعة وقوة ورباطة جأش.
 في العاشر من تموز للعام 2000 تمت عملية الاستفتاء الجماهيري على انتخاب المواطن العربي السوري بشار الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية، ومع هذا القرار الجماهيري الذي فرض المضيَّ إلى مرحلة سورية جديدة عنوانها العريض وحدة القرار والمصير وحماية السيادة السورية بتعاضد فريد بين الرئيس القائد بشار الأسد والشعب السوري، بدأت الحياة السورية تشهد العديد من الصعاب والتحديات.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 03/05/2014

Scroll to Top