جولات مكوكية إلى جنيف

وجولات الإرهاب مستمرة، هل ارتقى المؤتمر الدولي إلى نزيف الدم المفتوح في سورية؟ الجواب ببساطة شديدة كلا.. لا يمكن للمؤتمر الذي قدم عرضاً سياسياً مترفاً أن يرتقي إلى دموع الأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن، وآهات الزوجات اللواتي فقد أزواجهن أطرافهم أو نظرهم أو.. نتيجة الإرهاب الأسود الذي يخيم على الأرض السورية. المؤتمر الدولي لا يمكن أن يرتقي إلى وجع الطفولة وتيتّمها ولا يمكن أن يرتقي إلى عملية التجويع المنظم الذي تمارسه المجموعات المسلحة بحق السوريين الذين تحتجزهم في الأماكن التي تسيطر عليها وتطلق النار على القوافل الإغاثية لتمنع وصولها إلى الذين هم بأشد الحاجة إليها.
المؤتمر الدولي لا يمكن أن يرتقي إلى عظمة أبطال الجيش العربي السوري الذين يقاتلون الإرهاب نيابة عن المجتمع الدولي الذي جعل من سورية بؤرة إرهابية كبيرة ما يزال إلى الآن يغذيها بالأسلحة “غير الفتاكة” وهل هناك سلاح أبشع من الذبح والتقطيع والسيارات المفخخة التي تحصد أراوح السوريين؟
هي أسئلة كثير تتبادر إلى ذهن كل متابع لكل ما يجري في ساحة مؤتمر جنيف الذي من المفترض أنه عُقد ليبحث الحل السلمي بوصفه الخلاص الوحيد لكل السوريين، ولن يبقى السؤال الأهم برسم الكونغرس الأمريكي الذي صوّت على تسليح الإرهابيين وهو يتبع لدولة يفترض أن تكون طرفاً محايداً وراعياً لمؤتمر دولي يسعى للسلام في سورية فكيف لها بنفس الوقت أن ترعى الإرهاب وتغذّيه بالأسلحة؟.
الإرهاب آفة سرطانية تستشري في الجسد العربي ولن تكتفي به بل ستمتد عقدها الخبيثة لتشمل العالم بأسره.. ملامح الإرهاب قاسية وتحمل في طياتها العودة إلى عصور موغلة في القدم؛ فلا قانون وضعياً يحكمها ولا رادع إنسانياً أو أخلاقياً ولا حتى قانون سماوي.. في عصرنا الحالي لم يتم اختراع دواء مؤكد لمواجهة الإرهاب السرطاني.. إنما يمكن استئصال بؤره من جذورها لوقف تيارها الانتشاري الجارف.. هذا على صعيد الدول منفردة أما على الصعيد الدولي فلابد من وضع حد لهذه الآفة واقتلاعها من جذورها عبر معاقبة الدول الحاضنة للإرهاب والدول المغذية له ومحاربة الفكر التكفيري الدافع له.. وهذا لن يتم إلا من خلال تفعيل القرارات الدولية الخاصة بمكافحة ومحاربة الإرهاب وإيجاد قرارات دولية من مجلس الأمن ملزمة لمعاقبة الدول الداعمة والحاضنة والمغذية للإرهاب.. ولا بد من توعيه شعبية على مستوى العالم لمخاطر آفة الإرهاب الانتشاري من أجل الضغط على حكوماتهم وإجبارها على مكافحته، لاسيما الشعب الأمريكي وشعوب أوربا والشعوب العربية بطبيعة الحال. وإن لم يسرع العالم في منع انتشار هذه الآفة فإن الإرهاب السرطاني سيبتلع الجميع؛ وعندها ستفقد الدول المصدرة للإرهاب السيطرة عليه وإيقافه.. فتصور عزيزي القارئ هول الدمار الذي سيحصل..
العيون ما تزال ترمق المفاوضات المكوكية التي حصلت وستحصل في جنيف بأرقامه العديدة والمتعددة.. لكن بالمقابل القلوب تكتوي بنار الإرهاب الممنهج الذي تعاني منه سوريتنا، وما زال لدى معظم السوريين الأمل بارتقاء المفاوضات الدولية إلى حجم الحزن الذي خيّم على بلدنا من جرّاء ظلامية الإرهاب الذي لا يرحم، كما أن الأمل ما يزال يغمر القلوب الدامية المتطلعة إلى المؤسسة العسكرية وما تحققه من بطولات لاقتلاع آفة الإرهاب من جذورها.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 08/02/2014

Scroll to Top