مشاهدات من محافظة اللاذقية

المنسية على عتبة السحر والجمال، يعجز عن رسم مفاتنها أهم فنان في العالم ولا يمكن لكاميرا أن ترصد تفرد وروعة وسحر الطبيعة فيها.
بدأت رحلة فريق عمل جمعية نادي المراسلين الشباب إلى محافظة اللاذقية وفي جعبتنا برنامج عمل محدد، قبيل خروجنا من دمشق كانت الرهبة والخوف يتملكاني من مفاجآت الطريق إلى اللاذقية ولاسيما أنني أتحمل مسؤولية اصطحاب أربع صبايا وخمسة شباب.
المفاجأة الأجمل أنّ الطريق كانت مؤمنة وحواجز بواسل الجيش العربي السورية منتشرة على طول الطريق تقريباً والأجمل أنّ شباب الحواجز من أبطال الجيش العربي السوري كانت ابتسامتهم تزين وجوههم الملفحة بأشعة الشمس، والعرق يتصبب من تحت الخوذة فبدا لي المشهد مع لياقتهم وحسن تعاملهم مع المسافرين كأنها حبات لؤلؤ تلمع على وجوههم النيرة.
وصلنا مدخل مدينة اللاذقية وعندما علم أبطال الجيش العربي السوري أننا فريق إعلامي ابتسموا وقال أحدهم أنتم رفاق السلاح، كم أثّرت بنا العبارة وكم شعرنا بمسؤولية مضاعفة وكم كان إحساسنا شديد الخجل لأننا مهما عملنا وأنجزنا لا يمكن أن يرتقي عملنا لساعة واحدة يقف بها جنود الجيش العربي السوري على الحواجز وتحمل البرد القارس والشمس الحارقة من أجل أن ننعم نحن بالأمان، بالتأكيد الخجل أكبر أمام بواسل الجيش العربي السوري في الميدان وأمام أمهات الشهداء ودموعهن الطاهرة.
وادي قنديل
أكاد أجزم بأنّ المشهد الساحر الذي رأيته في وادي قنديل لا يوجد مثله في أية بقعة بالعالم فعندما يجتمع منظر البحر تظلله أشعة الشمس فيظهر وجه البحر كأنما الألماس المكسر ينتشر فيتلألأ البحر بصورة يعجز عن وصفها كبار الشعراء كيف لا والصورة لم تكتمل بعد، فالجبال بخضرتها وقامتها الشاهقة تسوّر البحر، فيبدو اللقاء أسطورياً يعكس المحبة والصفاء ويرد الروح لنفوس أتعبتها مشاهد العنف في حرب غير أخلاقية تُشن على سوريتنا الرائعة الحسن والجمال.
قد يسأل القارئ العزيز وماذا عن إهمال الشاطئ السوري؟ وأين المنشآت الضخمة التي تستقطب السياح بل ماذا عن ثقافة الجذب السياحي؟ وأين المنشآت الشعبية المتاحة لذوي الدخول المحدودة؟ أين عمال النظافة، لماذا لا يكون كل وافد للمحافظة عامل نظافة وكل مقيم باللاذقية مهتماً بنظافة مدينته؟
أسئلة كثيرة لكن يمكن أن تكون الإجابة صادمة فأنا شخصياً أتمنى أن لا يتدخل الإنسان في تشويه جمال الطبيعة، أما بالنسبة للنظافة فالأوساخ المنتشرة في شوارع اللاذقية أظنها صورة عن منزل كل مقيم وكل زائر وكل وافد لهذه المحافظة الساحرة.
زيارات..
توجهنا في اليوم التالي إلى ضيعة بسطوير وسألنا عن منزل الشهيد نزار حسن، قالوا لنا: على بعد أميال شجرة بلوط ضخمة بقربها منزل أهل الشهيد نزار حسن.
وصلنا وقدمنا التعازي باسم الإعلام لعائلة الشهيد نزار حسن، أما التفاصيل فسنرويها من خلال فيلم وثائقي، لكن والد الشهيد نزار حسن حمّلنا أمانة أن يخلد اسم الشهيد نزار وعائلته بإطلاق اسمه على مدرسة في المدينة أو شارع أو مدرج جامعي، وها نحن ننقل الأمانة إلى المعنيين لعلهم لا يطيلون في حمل الأمانة.
ثم توجهنا إلى منزل الأديبة السورية الرائعة أنيسة عبود غمرتنا وفريق العمل بدفء الاستضافة وحميمية الجلسة التي فاضت بعناوين من المعاناة التي تواجه سكان اللاذقية ولعل ما لمسناه من المعاناة وجود كازية وحيدة على طريق الشاطئ لتعبئة البنزين على البطاقة المخصصة للمدراء وهذه معاناة سنفرد لها حديثاً موسعاً، المهم تخلل الحديث عن المشكلات حلاوة الكلام ولاسيما بعد أن جمعنا الحديث عن الأديبة النجمة كوليت الخوري فشاركناها الجلسة عبر مكالمة هاتفية أضافت على الجلسة فسحة كبيرة من التفاؤل والأمل.
 
لقاء شبابي
من أجمل لحظات وجودي باللاذقية لقائي مع نخبة من شباب اتحاد شبيبة الثورة لمست عندهم حس المسؤولية والنضج الوطني، وجوههم واعدة بمستقبل سوري رائع، يمكن متابعة اللقاء كاملاً عبر موقع نادي المراسلين الشباب.
طبعا الزيارة كانت حافلة بالمواقف الرائعة واللحظات الجميلة والمواقف المنغصة، وفي طريق عودتنا وبالقرب من طريق عدرا قبل مفرق التل كانت بواسل الجيش العربي السوري تدخل عدرا البلد وتطهرها من رجس الإرهاب ورغم لحظات الرعب التي خفف وطأتها وجود حواجز الجيش العربي السوري إلا أننا سجلنا حضور لحظات من المعركة التي كنا نراها عبر شاشاتنا الوطنية.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 27/09/2014

Scroll to Top