تحولنا من متلقين للسينما الهوليودية إلى مسرح لها!!

إذا كنا نريد أن نعرف ماذا سيحل بالعالم والى أي مرحلة من التطور السلبي يتجه، لابد من متابعة السينما الهوليودية.
الكثير من العنف والأكشن صدرته الولايات المتحدة الأمريكية عبر الأفلام والمسلسلات التي تصنّع في هوليود المدينة السينمائية الأكثر شهرة في العالم.
جميعنا يذكر الأفلام الكرتونية التي تصور البحوث والتجارب واختراع شخصيات وهمية للسيطرة على العالم، تلقفناها نحن العرب بسذاجة بلهاء، دون أن نعي أننا حقل تجارب لمخططاتهم الإجرامية في السيطرة على مقدراتنا وخيراتنا والقضاء على تراثنا وحضارتنا وماضينا وتطبيق حاضر ومستقبل لنا وفق الرؤية الأمريكية.
لا نبالغ فيما نقول لأن المتابع للسينما الهوليودية وعملية التماهي بين ما هو حقيقي وما هو وهمي هو عملية ذر الرماد في العيون وتغييب المحاكمات العقلية، وسهولة السيطرة على البشر وتسييرهم بما يخدم المشروع الأمركو صهيوني في السيطرة على العالم.
الآن.. مشهد حرق الكساسبة، الذي حصد أكبر نسبة مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وبغض النظر عمن يشككون في صحة عملية الحرق أو تكذيبها، اللافت هو عملية التصوير السينمائية لعملية الحرق، والتقنيات الفنية العالية الدقة المستخدمة في التصوير والمونتاج والإخراج.
كذلك الأمر بالنسبة للمشهد الدرامي الذي يصور مجموعة من العمال المصريين، يسيرون على شاطئ البحر ويقفون بطريقة منظمة، وتعميم اللون البرتقالي للباس الإعدام، وخلف كل عامل رجل ملثما يحمل سكينا مرعبة، هؤلاء ينتظرون إشارة من المخرج لبدء تنفيذ المشهد الأكثر واقعية والأكثر إجراماً، ثم يظهر البحر وقد أصبح لونه أحمر.
يتراءى للمرء أنه أمام فيلم رعب أمريكي طويل، عندما يتابع مشاهد القتل والذبح بالمفرق وبالجملة والحرق حتى الموت واغتصاب النساء وجهاد النكاح والشذوذ الجنسي، مرورا بقنوات تمرير الجنس بطريقة مقززة قناة mtv اللبنانية نموذجاً، هذا عداك، عزيزي القارئ، عن القنوات الدينية التي لا تعد ولا تحصى، والقنوات التي تحول السياسة إلى سلعة تخضع للعرض والطلب، والأخطر اليوم أن يصبح لداعش قنوات تلفزيونية ومحطات إذاعية وصحف الكترونية.
مما لاشك فيه أن المحرك الأساسي للإجرام الداعشي لا يتوقف على الدعم الاستخباراتي الثلاثي “المدمر” الأمريكي والبريطاني والموساد الصهيوني” بل إن الخبرة الإعلامية تسبق الخبرة العسكرية التي تُقدم لداعش وأمنت لها الدعاية والانتشار.
أمام هذا الفيلم المرعب ماذا نفعل في سورية والبلاد العربية، وما الاستراتيجية الإعلامية التي نتبعها؟ وما الذي يمنع دعم محطات تلفزيونية الكترونية شبابية، والترخيص لإذاعات شبابية وإنعاش مشاريع شبابية بدل السعي الدؤوب لإطفاء شعلتها.
باستثناء الإعلام السوري الملتزم بالبيئة والنسيج العربيين، نجد انتشاراً مريعاً لإعلام الواقع وتلفزيون الواقع وبرامج الواقع، ودراما الواقع، وهي في حقيقتها تطبيق فعلي لسياسة الأمر الواقع التي اتبعتها الصهيونية العالمية في اغتصاب فلسطين العربية ومازالت تتبعها، وإذا استمر الغباء العربي في ترجمة سياسة الأمر الواقع فسيتحول وهم الصهيونية العالمية في ابتلاع منطقة الشرق الأوسط إلى واقع.
فهل ندرك إلى أي هاوية نتدافع إليها بملء إرادتنا ؟ وهل ندرك أن الهدف من تصوير وحشية داعش بطريقة درامية ترصد المشهد من جميع جوانبه ما هو إلا من باب إثارة الرعب والرهبة والقبول بالتنظيم من باب سمعنا وأطعنا؟!
ومادام فيلم الرعب الداعشي المصمم في هوليود مستمراً لابد من متابعة الحديث لاحقاً.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 21/02/2015

Scroll to Top