مسلسل المؤتمرات

لا ينتهي الأمر عند حلقة أو أكثر من عشرين حلقة، بل قد يتعدى الأمر إلى سلسلة أجزاء من المسلسل ذاته.
طبعاً أنا لا أتحدث عن مسلسل تركي ولا عن باب الحارة الذي مسخ تاريخنا وسفّه إرثنا الحضاري العريق، بل أتحدث عن مسلسل استعماري بدأ بمؤتمرات وانتهى به الأمر إلى الاحتلال والتقسيم ونهب الثروات ما ظهر منها وما بطن.
اليوم يستمر المسلسل بالغايات والأهداف ذاتها، والدول الاستعمارية نفسها بغطاء أمريكي وسيطرة كاملة للصهيونية العالمية، والأدوات ليست جديدة بل لطالما كانت الرجعية العربية هي رأس الحربة التي يستخدمها الاستعمار على مر الأزمنة كحالة استباقية للتدخل الأجنبي المباشر في قضايانا المصيرية وإجهاض حركات التحرر والوحدة وإعادة لملمة الحدود المصطنعة بين الأقطار العربية.
ولأن الأمر في سورية مختلف، فالوعي الشعبي منتشر عند النسبة الأكبر من الشرائح الشعبية، ورأس الهرم في القيادة السورية يمتلك فائض الوعي وفائض الخبرة في فكفكة المخططات الاستعمارية وآلية التعامل النوعي في القضاء على أدوات الاستعمار في الداخل والخارج، استطاعت سورية أن تواجه رياح الخماسين القادمة من جهة الغرب الاستعماري بإرادة صلبة وتصميم لا تراجع عنه في سبيل تحقيق النصر وإحباط جميع المخططات.
الخيار السوري واضح وضوح الشمس.. ولا مجال معه للتأويل والتزييف والفبركات والتلونات، المقاومة هو القرار الاستراتيجي الذي اتخذته القيادة السورية عبر أربعة عقود إلى الآن، واليوم عندما تعلن عن جبهة المقاومة في الجولان السوري المحرر منه والمحتل فإن هذا الإعلان سبقته أعوام من الاستعداد والإعداد لهذه الجبهة.
أقزام السياسة وعصابات الإجرام لا يمكن أن يقدِّروا ماذا يعني هذا القرار الاستراتيجي المقاوم، لكن أسياد هؤلاء يدركون تماماً كل كلمة يقولها الرئيس الأسد ويفهمون تماماً أن الأسد عندما يقول فإنه يستبق قوله بفعل يطبخ على نار هادئة لا ينتبه إليها “المطنجرون” كما عقولهم الفارغة من أية وظيفة عقلية يمكن أن تنبّههم بأن طَرق الطناجر هو وهم يغرقهم في غياهب الأمية والغباء المجرد من أية عملية فكرية.
إذاً، في الوقت الذي استطاع فيه الغرب ومن خلفهم الصهيونية العالمية استغباء العرب وسوق بعضهم كالدواب التي وضع على جانبي عينيها ما يحجب الرؤية العامة، كان الشعب السوري في معظم شرائحه يرى ما يحاك لسورية وللوطن العربي ويقرأ التاريخ قديمه وجديده ويدرك أن المخطط لا يمكن أن يفكك إلا بالوعي الكامل لمجريات الأحداث وتسلسلها ووضع كامل ثقته بقائد عروبي، ينظر إليه العرب جميعاً أنه المنقذ وأنه يحمل راية الفاتح المنتصر صلاح الدين الأيوبي.
أما المؤتمرات التي اختلفت تسمياتها وما اختلفت أهدافها، فلا قيمة لها أمام إصرار شعب سورية والقائد الأسد، على تحقيق النصر الذي سينقلنا من واقع الحدود المصطنعة إلى الجغرافية السورية الكبرى..
وإن غداً لناظره قريب.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 31/05/2013

Scroll to Top