نزار حسن… قلب شجاع

غالباً ما يسبق الخيال الوقائع الحقيقية علّه يجد له مكاناً في التطبيق يوماً ما.. لكن ما يحدث في سورية على مدى ثلاثة أعوام سبق الخيال سلباً، عائداً بنا إلى عصور الجاهلية والتخلف والبعد كل البعد عن المدنية والحضارة الإنسانية.
عدرا العمالية كانت على موعد مع الهلع والخوف والرعب، سكانها العزل انتظروا الذبح على يد قطعان لا تمت للبشر ولا حتى الحيوانات المفترسة منها بصلة، هم فئة ضالة مارقة من فصيلة الفكر الوهابي التكفيري الذي يديره آل سعود على مدى قرن من الزمان..
ما جرى في عدرا العمالية ذبح الضمائر قبل أن يذبح السكان العزل، ضمائر البشر التي نامت بل غُيّبت بل ماتت على وقع طفل ذبح مع صرخة الله أكبر..
تزامنت مجازر العصابات الإرهابية الوهابية في مدينة عدرا العمالية بحق السكان العزل وهم نخبة من المجتمع السوري الفاعل؛ ففيهم المهندس والطبيب والمثقف والموظف والمدرس وأستاذ الجامعة.. مع عرض فيلم ملك الرمال ونسأل: أي فيلم يمكن أن يعيد إلى الأذهان فجور آل سعود المتصهينين في إباحة الذبح والقتل وأكل لحوم البشر واغتصاب النساء وهتك الأعراض وتقطيع الرؤوس والتنكيل بالجثث.
لا يمكن للمرء أن يتصور فظاعة وشناعة الإجرام الذي ارتكبته وما زالت المجموعات الإرهابية في جميع الأراضي السورية التي تستطيع الوصول إليها، لكن ما حصل في عدرا العمالية مأساة حقيقية بحق الإنسانية جمعاء.
 فمن مشهد الأفران التي كان وقودها بشر من لحم ودم أضحوا رماداً في قلب سواد قلوبهم كما راياتهم التي شوّهت الإسلام وشوّهت الحضارة الإسلامية بكاملها.
المشاهد التي مُرِّرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمجزرة عدرا المروعة على قسوتها ومراراتها؛ إلا أن قصة البطل نزار حسن وعائلته هزت الكيان الإنساني بكل تفاصيله.
نزار اتخذ القرار الشجاع وزوجته المهندسة ميسون محلا وولداه بشر وكريم لحظة وصول أكلة لحوم البشر إليهم، وفجّر نفسه وعائلته ومن اقتحم منزلهم الآمن من الإرهابيين وفضّل الموت واقفاً شامخاً عزيزاً كريماً.. على الموت بمذلة سكين قذرة بيد أعداء الله والحضارة.
كلمات نزار وزوجته الأخيرة وهما في عز عمليات التهديد والترهيب والوعيد وزبد الدماء الذي يشتط من بين أنياب أكلة لحوم البشر كانت، “لا تاكلوا هم نحنا ولاد سورية وأحفاد الأبطال ما رح نخليون يوصلولنا”، كانت كلماتهم الأخيرة لأهلهم والأصدقاء والأحبة قبل أن اتخاذهم القرار البطولي.. الحمد لله.
بعد أن فجّر نزار نفسه وعائلته بقي هو على قيد الحياة وقال لصديقه “مات بشر”، ثوانٍ وسمع الصديق أزير الرصاص.
قصة نزار ستبقى عبر الأجيال عنواناً للبطولة وتحدي الموت المذل ليصبح موته رمزاً للشجاعة والبطولة والعنفوان والإباء، مئات القصص تشبه قصة نزار وعائلته ربما نخبر بها بعد إزالة أنقاض الإرهاب..
المجازر والمذابح التي تُرتكب على الأرض السورية لا يلزمها عرض فيلم عن “ملك الرمال” بل يلزمها محاكمة عالمية لآل سعود عن جميع الجرائم التي ارتكبها فكرهم الوهابي الإجرامي بحق الإنسانية في سورية.. فهل نبدأ بتنظيم حملة عربية أولاً وعالمية ثانياً ضد هذه الزمرة الوهابية الإرهابية؟.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 20/12/2013

Scroll to Top