عام جديد حمل على كاهله أوجاع أمة العرب وتفككها وانهيار قواسمها المشتركة التي طالما تغنينا بها وردّدناها أمام مدرّسينا وتلعثمنا في الإجابة بأن ما يجمع العرب: اللغة والتاريخ والحضارة والجغرافيا والتراث ورابطة الدم.. أما اليوم ماذا سيردد أولادنا أمام مدرّسيهم وهم يعلمون حق العلم أن كل ما أصاب سورية، شريان الحياة العروبي، هو بفعل إخوتنا العرب وبتخطيط من الغرب المستشرس على ابتلاع ماضينا وحاضرنا لكي لا يبقى للعرب والإسلام أثر يذكر إلا بما شوّهنا.
العام الماضي أضاف سنوات ثلاث على الحرب الهمجية ضد سورية التي لم تستسلم قط ووقفت في وجه تسونامي الإرهاب الذي جرف علينا أوساخ العالم كله، والسؤال ماذا لو انهارت سورية ودخل التسونامي المدمر إلى أرضها دون أن يجد من يردعه؟!.. لو حصل ذلك لا سمح الله لكانت قد تحققت نبوءات آل صهيون وبسطت الدولة اليهودية سيطرتها على العالم، لكن هيهات أن تنال إسرائيل مرادها طالما أن للعرين أسداً يحميه.
مما لاشك فيه بأن العولمة الأمريكية والصهيونية العالمية والوهابية ونتاجهم الإرهابي، ليست عملة واحدة بعدة أوجه بل هي بمجملها كوارث بشرية تهدد استمرار بقاء الجنس البشري على الأرض. لا يمكن أن نختصر الشرور الكبرى التي تهدد الإنسانية بالصهيونية والوهابية ونقول إنهما وجهان لعملة واحدة، بل إن قيام الولايات المتحدة على أنقاض الهنود الحمر “السكان الأصليين للقارة الجديدة” واستعمارها، وقيام الكيان الإسرائيلي الصهيوني على أرض فلسطين العربية، واحتلال الوهابية السعودية لبلاد نجد والحجاز هي الأخطار المحدقة التي تصدّر الدمار والخراب والقتل والذبح والقضاء على الحضارات والتراث وسلب الهوية التاريخية من أجل السيطرة على العالم ولو على أنقاض البشرية أجمع..
العالم احتفل بالعام الجديد، لكن من رقصوا على أنغام الوجع السوري من جراء الإرهاب المنظم والمبرمج لخراب سورية وقطع الشريان العربي، سيلقون نفس مصير الدول التي تئن تحت وطأة الإرهاب المقيت الذي لا يوفر في حربه القذرة الحجر والشجر بعد القضاء على البشر. لا يمكن أن نكون متفائلين ونحن نستقبل العام الجديد الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام آفة الإرهاب التي تنتشر كالنار في الهشيم، بل يجب أن نتبّصر ونفكر ونخطط لعملية استئصال الإرهاب من منطقتنا العربية لكي نترك للأجيال القادمة بقايا حضارة يبنى عليها ونجنّبهم حقبة زمنية من النّواح والتباكي على حضارة دمرها الإرهاب والدول التي تقف خلفه.
عندما تحاول تتبّع أثر الإرهاب لن يضنيك البحث فالأثر واضح للعيان، ومن قام بتصنيع هذا المصطلح وصدّره جاهزاً ومعلباً لمحاربته، هو نفسه من زرع بذوره ورعايته ليصبح الوحش الذي تحاربه وتحارب به في آن معاً.
سورية ومحور المقاومة يواجهون التسونامي الإرهابي برؤوسه الثلاثة العولمة الأمريكية والصهيونية العالمية ووهابية آل سعود، ومع هذه المقاومة البطلة لجيشنا الباسل وشعبنا الصابر يحدونا الأمل بأننا ماضون إلى النصر المبين وأن العام الجديد يحمل لنا بشائر النصر المحتم على الإرهاب وكل الدول التي تقف خلفه. بهذا المنطق المقاوم لجميع أشكال الإرهاب ورؤوسه، لابد من التفاؤل بالمستقبل الآتي المفعم بنشوة النصر الذي ستحتفل به الأمة العربية لأنها ستدرك أن سورية لا تدافع عن وجودها بل تدافع عن العروبة والإسلام والمسيحية، تدافع عن الماضي والحاضر والمستقبل.
ميساء نعامة
تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 04/01/2014