أمة منتصرة.. أو على العرب السلام

بين سورية وسويسرا آلاف الأميال ورغم تداخل الحروف وتلاقيها إلا أن جسراً من الجليد يفصل بين البلدين.
فما يحدث في سورية من قتل ودمار وهدم للبنى التحتية وعودة إلى جاهلية العصور حيث لا فكر ولا حوار ولا حضارة ولا لغة إلا لغة الدم وتقطيع البشر وأكل الأكباد والفتن الطائفية المقيتة.. سورية الدولة والمؤسسات والحكومة تخوض حربها لوقف تمدد هذا التيار القادم من العصر الحجري لهدم المدنيّة السورية ويخطف سحر جمالها الأخّاذ.
سويسرا تتعاطى مع الحرب السورية برفاهية السكون الذي يطبق على مدنها الهادئة التي خرقها صخب مؤتمر جنيف2.
ما يحدث في سورية لا يمكن أن يشعر به إلا السوريون أنفسهم الذين يتقاسمون الوجع ويتقاسمون الحزن على الأحباب الذين قضوا ذبحاً أو قتلاً أو تقطيعاً على يد المجموعات التكفيرية بمسمّياتها المتعددة وجنسياتها المختلفة. ما يحدث في سورية لا يمكن أن يحرك وجدان إلا من عاشوا بداخلها وتقاسموا لقمة العيش المشترك وتناوبوا على حمل البندقية فكلما ارتقى شهيد نبت من أرض سورية الطاهرة آلاف الأبطال المدافعين عن سيادة سورية وحمايتها من التقسيم والتقطيع والارتهان للخارج أو للاقتتال الطائفي..
هي سورية الصامدة والشجاعة في محاربتها للإرهاب واقتلاعه من أرضها النقية.. والمصرة على متابعة الحياة السورية الجميلة بما فيها من سهرات تجمع الخلان وتقرّبهم رغم عتمة الأيام..
هي سورية التي تنبض بالحياة فما زال الفن يتدفق إبداعاً، وما زال الشباب يكتبون تطلعاتهم لمستقبل أجمل.. وما يزال فنجان القهوة الصباحي يجمع أفراد الأسرة السورية كما يجمعهم في صباحات عملهم في المؤسسات المدنيّة التي تسير جنباً إلى جنب مع المؤسسة العسكرية التي أخذت على عاتقها حماية جمالية الحياة السورية، كما الدولة التي حرصت على متابعة تأمين كل مستلزمات استمرار الحياة رغم الحصار ورغم الحرب.
نعود إلى جنيف2 حيث اتفق معظم المحللين السياسيين بل والصحفيين وحتى الأشخاص الذين لا علاقة لهم بالسياسة أو الإعلام على أن جنيف 1و2 هو حلقات لمسلسل طويل.
الجميع تابع مجريات جنيف2 بين التحفيز والملل بين الإحباط والتفاؤل. والجميع على يقين مسبق أن مسلسل جنيف لن يتوقف عند الرقم واحد فقد يصل تعداد الأرقام إلى ما لا نهاية. المكسب الأهم للدولة السورية في المؤتمر الدولي هو عملية المكاشفة ونشر الحقيقة من قبل كامل أعضاء وفد الدولة السورية أمام العالم كله وفضح ألاعيب وأساليب أعضاء الائتلاف ما سمى نفسه معارضة سورية، كما أن وفد الدولة السورية فرَد معظم أوراقه ووثائقه أمام الإعلام العالمي تلك الأوراق والوثائق تبيّن حجم الإرهاب المرعب الذي تتعرض له سورية على مدى ثلاثة أعوام.
عدا هذا الإنجاز لا يمكن لأحد من المحللين والسياسيين وجميع المتابعين للمؤتمر الدولي أن يتوقع أية إضافة لوقف الإرهاب خصوصاً أن الولايات المتحدة الأمريكية، بوصفها الراعي الأول والأساسي لمخطط تفتيت الوطن العربي، تصرّ على تنفيذ مخططها وتستخدم “كمشة” عبيد من السعودي الهزاز إلى رؤساء الائتلاف التي تنتهي صلاحياتهم كمناديل ورقية سيئة الصنع، ولا تنتهي أدواتهم عند العصابات الإرهابية التي تمتلك إلى حين “رسن تحريكها”.
تأسيساً على ما تقدم يمكننا القول: إن ما يمكن أن يحسم المعركة على الأرض السورية هو القائد الأسد الذي يقود المعركة العسكرية بكل اقتدار وقوة وتكتيك نوعي عالي المستوى، ويقود المعركة السياسية بحنكة وحكمة أذهلت العالم، وما اختيار الجماهير العربية لشخص السيد الرئيس بشار الأسد على أنه شخصية العام بتصويت فاق تصوّر القائمين على قناة الميادين، إلا ترجمة حقيقية لشعور الشعوب العربية بأن الرئيس الأسد هو الضمان الحقيقي لحياة عربية حضارية كريمة وفكر مقاوم يحاكي إرثنا الثقافي العريق.
انطلاقاً من دمشق التي اعتبرها جميع الباحثين والموثقين أنها بوابة الحضارة والتاريخ، سيعيد الرئيس الأسد الألق الحضاري لسورية الجديدة بكل المعايير والمقاييس الدالة على التطور المنتظر.
إذن: سورية تخوض الحرب ضد الإرهاب نيابة عن العرب جميعاً، فإما أن نخرج أمة منتصرة وإما على أمة العرب السلام..

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 01/02/2014

Scroll to Top