الطريق إلى الله

 تعرفنا عليه عبر الوثيقة القرآنية التي لا تكاد  تمر آية من آياته الكريمة إلا وتدعو إلى الغفران والرحمة والإيمان والتسامح والمحبة والتعقل والتفكر كما تدعونا إلى الصفاء والنقاء والتآخي وقبول الآخر والعيش المشترك ونبذ الأحقاد والتعاون والتعاضد والإيثار والمروءة وغيرها من الصفات التي تحمل في معانيها العظيمة احترام إنسانية الإنسان بما يحمله من علم وفكر وعقل يخدم الوجود الحضاري.
ما نشاهده اليوم ممّن يكفّرون ويرتكبون أبشع الجرائم بحق العلم والمعرفة والفكر والحضارة  باسم الله، هو تشويه حقيقي لاسم الله جلّ جلاله وتشويه لوثيقته القرآنية وصورته الرحمانية؛ وحتى جنات عدن دخلت في قاموسهم المشوه فتحولت بفعل شهواتهم الحيوانية إلى دار للفسق والدعارة وشرب الخمر من أنهار الجنة الموعودة في عقولهم الشاذة والمريضة.
ترى هل لنا أن نتخيل المشاهد التي زلزلت كيان الشهيد نزار حسن وأسرته حتى اتخذوا القرار الجماعي بتفجير أنفسهم قبل دخول الإرهابيين إلى بيتهم؟
لا يمكن أن تكون الطريق إلى الله عبر تقطيع الرؤوس وأكل الأكباد وسبي النساء واغتصابهن وتعريتهن في الشوارع على مرأى من أزواجهن وإخوتهن، بل لا يمكن أن يكون الطريق إلى الله معمداً بدماء الأبرياء ممن رفضوا الانصياع إلى فكرهم التكفيري الذي يناقض شريعة الله والشرائع الوضعية.
وبعد؛ يسأل بعض السوريين في الجلسات الحوارية الخاصة وحتى العامة  لماذا تأخرت المؤسسة العسكرية بالحسم العسكري في أماكن تجمع البؤر الإرهابية الذين يحملون كل هذا الفكر التكفيري البشع؟
نقول بأن الدولة السورية بثالوثها: القيادة والشعب والجيش، اختارت الحل التصالحي عبر الحوار الوطني المفتوح والتوعية الفكرية لحجم المخطط “الأمرصهيوني” المعد لوطننا العربي وسورية في القلب منه، على اعتبار أن الوعي لابد أن يزيح الجهل وفكره التكفيري المريض بجنون الدولار الأمريكي والنفط السعودي.
لكن المخطط كان أكبر من الوقت الذي أتاحته الدولة السورية للتوعية والحوار ولم تأخذ حزمة الإصلاحات التي صدرت بمراسيم جمهورية في الأيام الأولى للحرب على سورية، أن تسحب ذرائع المخطط من الانتشار لأنه تغلغل بين البيئات الفقيرة في الريف السوري وشكّل منه البيئة الحاضنة للإرهاب التكفيري واشترى الشباب بحفنة قليلة من الدولارات وأعمى أبصارهم وأغشى عقولهم بحوريات الجنة مستغلاً الكبت الجنسي لهذه البيئات المغلقة بطبيعة الحال.
الدول التي وضعت المخطط التفتيتي والتقسيمي لسورية صدّرت آلاف العصابات الإرهابية التي استقدمتها الولايات المتحدة والصهيونية العالمية من جميع أنحاء العالم لتمرّر مشروعها ومن ثم تنقضّ على سورية وتضع مندوبها السامي بمباركة سعودية وخليجية، وهم غير مدركين بأن سقوط سورية يعني سقوط الوطن العربي في دوامة الاستعمار الجديد.
هنا نصل إلى الإجابة عن السؤال السابق، المؤسسة العسكرية لم تتأخر في الحسم العسكري ضد الإرهاب ، لأنها اعتمدت العمليات النوعية ضد الإرهاب بعد سحب الحاضنة الشعبية التي أغرتها تلك المجموعات بالمال والفكر التكفيري، لأن البيئة الحاضنة هي سورية الأصل والمنبت ولا يمكن للدولة السورية أن تضحّي بها، إضافة إلى وجود أفراد سوريين أجبرتهم العصابات الإرهابية على الوجود ضمن البيئة الإرهابية تحت حد السيف، وبالطبع هناك العديد من الأسر السورية رفضت الانصياع إلى أوامر الإرهاب فغادرت هرباً من تلوثها بوصمة الإرهاب.
ما تشهده سورية اليوم هي حرب نوعية على الإرهاب وقتل أكبر عدد من الإرهابيين متعددي الجنسيات.. وإصدار مراسيم العفو لعودة من تورطوا بمساندة الإرهاب ليخضعوا لمحاكمات عادلة والعودة إلى حضن الوطن.. هي عملية نوعية أيضاً لحماية جميع أبناء الشعب السوري من السقوط في براثن الإرهاب.
والمؤسسة العسكرية السورية تمارس تكتيكاً عسكرياً عالي المستوى للقضاء على الإرهاب وترحيله إلى وجهته التي أتى إلينا منها.
تأسيساً على ما تقدم نقول بأن الفكر التكفيري غريب عن بيئتنا السورية ولابد من تطهير سوريتنا منه لأن جميع السوريين يعرفون حق المعرفة الصراط المستقيم للوصول إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 08/03/2014

Scroll to Top