ينتظر السوريون بفارغ الصبر خطاب النجاة من الإرهاب الذي سيقدمه الرئيس بشار الأسد بعد أدائه القسم لولاية دستورية جديدة تستمر لسبع سنوات قادمة.
في 17/ تموز من العام 2000 قال الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم لولايته الدستورية الأولى بأنه لا يملك عصاً سحرية تنتشل البلاد من عفن الفساد والترهل المؤسساتي، كما تحدّث حينها عن رقابة الضمير التي تعلو جميع المؤسسات الرقابية. لكن البرنامج الذي طرحه الرئيس الأسد آنذاك كان يحتاج إلى تضافر جميع القوى الشعبية والمؤسساتية لتحقيق شعار المرحلة، التطوير والتحديث والبناء على ما تم إنجازه خلال ثلاثة عقود مضت من القرن الماضي.
ما حصل؛ أن عجلة التقدم سارت ومضى مشروع التطوير والتحديث قُدماً إلى الأمام رغم محاولة بعض الفاسدين ممن لا ينسجمون مع شعار المرحلة وضْع العصي في عجلات التطور.
واليوم ماذا ينتظر السوريون من برنامج الرئيس الأسد بعد أداء القسم؟
يبدو أن القاسم المشترك الذي يجتمع عليه معظم السوريين هو عودة الأمن والأمان إلى سوريتنا الغالية وانتزاع سرطان الإرهاب من جميع الأراضي السورية التي دنّسها الإرهاب.
كما أن الحوار هو في أولى سلّم أولويات البرنامج الرئاسي، الحوار الذي يفضي إلى المصالحات وتصفية القلوب بين أبناء الشعب السوري وعودة الدماء النقية إلى شرايين الحياة السورية.
يترقب السوريون الحديث عن البدء بتنفيذ مشاريع الإعمار والبناء، وكثر الحديث عن إعادة إعمار البناء الإنساني بالتزامن مع البناء العمراني، وهذا يتطلب تجديداً كلياً للمناهج التربوية وإدراج مادة الأخلاق في جميع المراحل التعليمة، لأن الأخلاق أساس جميع الديانات السماوية، وأساس البناء الاجتماعي السليم والمعافى من جميع الأمراض الاجتماعية وفي مقدمتها التطرف الديني واللاديني، وفي مقدمتها أيضاً الفساد وكثرة الكلام دون إنجاز.
كما ينتظر السوريون حكومة جديدة موسعة أو غير موسعة تحتوي معارضة أو لا تحتوي معارضة، لا يهم؛ المهم أن تضع الحكومة الجديدة الاستراتيجيات العملية القابلة للتحقيق السريع وإنعاش جميع مرافق الحياة السورية.
أما المشروع السياسي للإدارة السورية العليا، منذ أربعة عقود ونيّف فقد كان واضحاً، جلياً، متماسكاً وشفافاً: القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للعرب وتحرّر فلسطين من الاحتلال الصهيوني يفضي إلى تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، كما يتضمن المشروع السياسي للإدارة السورية العليا، حماية العروبة والإسلام، وأي خلل في ميزان قوة وجودهما يعني تهديد الوجود العربي والإسلامي.
ومن أهم بنود المشروع السياسي للرئيس الأسد، مناصرة جميع حركات التحرر العربية والعالمية، ودعم المقاومات العربية، وترسيخ التحالفات الاستراتيجية مع الدول ذات المصداقية السياسية.
كما أن المشروع السياسي للإدارة السياسية السورية العليا يتضمن تحصين العقد الاجتماعي السوري الفريد المعشق بأجمل الأحجار الكريمة التي تذهل الناظر.
وعلى الرغم من الخطط الصهيونية المضادة للمشروع النهضوي السوري، استطاعت سورية الأسد أن تتخطى جميع المخططات المراد منها القضاء على سورية الوطن والتاريخ والحضارة، وإن استطاعت تلك الخطط تعطيل المشروع النهضوي السوري، إلا أنه لم يتوقف حتى في خضمِّ الحرب الإرهابية ضد سورية.
مرة أخرى الرئيس الأسد لا يملك عصاً سحرية، لكنه يملك مشروعاً حضارياً متكاملاً لإنعاش سوريتنا الغالية وهذا المشروع لابد أن يشترك فيه جميع السوريين، من هنا يمكن أن نفهم مفردة “سوا” التي تحمل الكثير من العمق الاستراتيجي لإعادة الألق السوري العظيم.
ميساء نعامة
تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 21/06/2014