مراسم جديدة لتسلّم الرئاسة السورية تعكس حالة من الرقي والأناقة البروتوكولية، فُتح باب السيارة الرئاسية وأطل الرئيس الأسد بكامل أناقته ليسير بتأن على السجادة الحمراء شامخاً واثقاً عالي الجبين.
استعرض حرس الشرف تحرسه زرقة السماء، بضع درجات وبضعة أمتار مشاها قيصر العرب بشموخ المنتصر، تُفتح بوابة التاريخ الحديث فيدخلها الأسد معلناً عن بداية جديدة لسورية المتجددة بعنوان جديد يتصل بالماضي في عمقه الحضاري ويمتطي صهوة المجد والأنفة والكرامة والعنفوان، فينهل من الماضي ويصبها سكبة واحدة على حاضر يتطلع من خلاله بعين الأسد المتوثب إلى المستقبل الأقوى والأفضل والمحصن بعيون الشعب السوري من كل معتدٍ أو خائن عميل.
لحظات مهيبة تلك التي سجلها التاريخ لسورية، ولأن العاطفة سِمة النساء فإن دموع الفرح التي انهمرت لحظة رؤية الرئيس الأسد تلك الدموع التي واراها الرجال، تختصر مرحلة من المشاعر امتدت لثلاث سنوات ونيف، بثوان استعرضت الذاكرة صوراً كثيرة منها لسوريتنا الغالية قبل العدوان عليها وما فيها من جمال وروعة تلتها صور لبشاعة الإرهاب وأساليبه القذرة لتقفز إلى الواجهة صور الشهداء زينة شباب الوطن، ثم تتسارع الصور فتظهر انتصارات الجيش العربي السوري وهي تطهر الأرض السورية من رجس الإرهاب الوسخ وتتمازج في الذاكرة صورة العلم السوري بألوانه المبهجة ورمزيته القومية، مع تصفيق سورية التي حضرت إلى قاعة الشرف في قصر الشعب مع دخول الرئيس الأسد.
الرئيس يشبه سورية ويشعر بكل ما يختلج مشاعر جميع السوريين وكل ما يشعرون به من فرح وحزن وتعب من فساد نخَر الضمائر قبل المؤسسات، وحقد أسود من جار وشقيق أصاب الطيبة السورية بخنجر مسموم، ونشوة الانتصار، وبين دقات قلوب السوريين ووظائف العقل مجتمعة عبّر الرئيس الأسد عن كل ما تمناه الشعب السوري.
من هنا يمكننا أن نختصر القول بمفردتين “سوا” و” معك” : عندما أطلق الرئيس الأسد حملته الانتخابية بكلمة “سوا” البعض قال وما معنى “سوا” وهل يمكن أن تُختصر الحملة الانتخابية بكلمة! وسورية تعاني ما تعانيه من خطر الإرهاب والأمراض الاجتماعية التي ظهرت دفعة واحدة على السطح ، بل هل يمكن أن تختصر مفردة “سوا” كل الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم في سبيل الوطن، و هل يمكن لهذه المفردة أن تعبِّر عن حجم الدمار الذي حصل في البلاد وهل يمكن أن تختصر معاناة الشعب السوري وحاجته لتأمين لقمة عيشه في ظل الفقر والغلاء وجشع التجار، هل يمكن أن تقضي على الفساد الذي استشرى في عزِّ الحرب على سورية بحيث يتساوى تجار الأزمات مع الإرهابيين؛ فالإرهابي يقطع الرؤوس ويأكل الأكباد وتاجر الأزمة يقطع الرزق ويسرق خيرات الوطن؟
أخيراً هل يمكن لمفردة سوا أن تعبِّر عن تضحيات الجيش العربي السوري وانتصاراته المتلاحقة؟
نبدأ من الأخيرة ونقول نعم، فالرئيس كما قال هو واحد من أبناء الشعب السوري العظيم ولولا حكمته وإدارته للحرب بذكاءٍ أذهل العالم “يمكن العودة إلى الصحف الغربية” ولولا قيادته الشجاعة للمعركة لما كان هناك انتصارات، ولولا احتضانه لأبناء الشهداء وتكريمه لأمهات الشهداء لما قدّمت الأم السورية الشهيد تلو الشهيد ولما استقبلت جثامين الشهداء بالزغاريد.
أجل مفردة “سوا” تحتوي في أحرفها الثلاثة الكثير من القيم الأخلاقية التي تعبِّر عن التعاون والتكامل والتماهي بين القائد والشعب وبدون هذا التماهي والتعاون والتكامل لا يمكن أن نستمر ولا يمكن أن نعيد إعمار الإنسان والحجر، ولا يمكن أن نكافح الفساد ونقضي عليه من جذوره .
وتأسيساً على فهمنا للمعاني السامية التي تحملها مفردة “سوا” ، أطلقنا مفردة نحن معك ونحن هنا جميع أبناء سورية.
ميساء نعامة
تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 19/07/2014