الضمائر الحية.. بقوة القانون والمحاسبة

لا يزال في الوطن الجميل متسع للحياة، ولاتزال الحياة في سوريتنا الغالية تسري في شرايين الوطن فتنشر البهجة والفرح رغم هالة السواد التي ترهق عيون الوطن لشدة البكاء على من قدّموا أرواحهم قرابين غالية فداء للوطن.
لقد أثلجت كلمة الرئيس الأسد أمام الحكومة السورية الجديدة قلوب الملايين من السوريين الذين أصابهم الإحباط لعودة معظم الوزراء وبعضهم عمل بفعالية لا تتناسب وحجم التحديات التي تتعرض لها سورية، إلا أنّ الرئيس الأسد دخل إلى عمق الهموم التي يتحدث عنها المواطن السوري في سرّه وعلانيته، كما وضع يده على جرح كل مواطن يدخل إلى مؤسسة حكومية فلا يستطيع أن يحقق غايته إلا بعد أن يدفع المعلوم، أو معاملته تضيع في زحمة الملفات المكدسة فوق بعضها، أو تضيع بين بريد الوزير وبريد المدير المسؤول أو عند محاسب يعرقل أمر الصرف لحجج كثيرة، وفجأة تظهر المعاملة ويفتح المحاسب خزنته بعد وصفة سحرية “مبلغ معلوم في ظرف مختوم”.
كما أنّ الرئيس الأسد بحديثه عن مواجهة الحرب لامس القلوب المتعبة من تداعياتها، التي شردت ملايين المواطنين السوريين، وأدت إلى احتكار التجار للسلع ما أدى إلى غلاء الأسعار، وجنون أسعار العقارات والآجارات التي أثقلت كاهل المواطن المثقل أصلاً من حرب إرهابية عالمية عليه.
المواطن المثقل بالهموم لم يعد بوارد احتمال مزيد من الوعود والمماطلة والدوران في دائرة مفرغة تبدأ بتوقيع وزير أو مدير ولا أحد يستجيب لهذا التوقيع، وتضيع هيبة الوزير أو الوزيرة “كمنصب اعتباري”، لأنّهم يمطرون الأرض بوعود وردية ثم لا مطر ولا حشيش ينبت لأنّ المطر كان حالة وهمية.
الرئيس الأسد في حديثه عن المصداقية وبناء جسور الثقة بين الوزير والمواطنين، أشعرنا أنّه فعلاً المواطن السوري بشار الأسد الذي يسكن معنا ويعيش همومنا ويمسح دمعة المقهور بيده الحانية ويحمل هموم الوطن كالطود الشامخ بحبه الحازم.
فهل ينجح المسؤول سواء كان وزيراً أو مديراً عاماً أو حتى مديراً فرعياً في مد جسور الثقة مع المواطنين ومشكلاتهم؟، لعل السبيل إلى ذلك الإعلام الذي ينبغي أن يكون المتنفس الصادق والصدوق للمواطنين، في حال أغلقت أمامهم جميع الأبواب، لكن هذا المتنفس يحتاج إلى متابعة وقراءة من قبل الوزير المعني بموضوع المشكلة، أما إذا بقيت كتاباتنا مجرد حكي جرايد فعلى الدنيا السلام.
المواطن أو صاحب الحاجة يغفر ويسمح ويبني مع الوزير جسور ثقة إضافية إذا كانت المطالب غير قابلة للتحقيق لأسباب مقنعة، وهذا يوفر على المواطن موافقة وهمية تجلب له المعاناة والتذلل ومصاريف التنقل من دائرة إلى أخرى دون جدوى.
قلنا أسباباً مقنعة! لكن في أغلبها تكون الأسباب غير مقنعة.
المواطن تحمّل الكثير والوطن تحمّل أكثر ولهذه الأسباب الموجبة نحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تفعيل رقابة الضمير إن لم تكن ذاتية فالإجبار وبقوة القانون والمحاسبة.

ميساء نعامة

تم نشر هذا المقال في مجلة الأزمنة بتاريخ 06/09/2014

Scroll to Top